حارس الفنار Poem by محمود البريكان

حارس الفنار

أعددت ُ مائدتي وهيأت ُ الكؤوس
متى يجي ء
الزائر المجهول ُ ؟
أوقدت ُ القناديل َالصغار
ببقية ِ الزيت المضيء
فهل يطول ُ الانتظار ؟
أنا في انتظار سفينة الاشباح ِ تحدوها الرياحْ
في آخر الساعات قبل توقف الزمن الأخير
في أعمق الساعات ِ صمتا
حين ينكسر ُ الصباح
كالنصل فوق الماء حين يخاف طير أن يطير
في ظلمة الرؤيا
سأركب موجة الرعب الكبير
وأغيب في بحر من الظلمات ِ ليس له حدود
أنا في انتظار الزائر الآتي
يجيء بلا خطى
ويدقّ دقته ُ على بابي .. ويدخل ُ في برود
أنا في انتظار الغامض ِ الموعود تحماه الرعود
والريح
ُيوشك ُ أن يحل الوقت
والأفق الطويل
خال ٍ وليس هناك ظل سفينة
يبدو الوجود
كالقوس مشدودا ولكن
لاعلامة َللرحيل
سقطت فنارات العوالم ِ دون صوت ٍ والرياح
هي بعدُ سيدة الفراغ وكل متجه ٍ مباح
وتغيرت طرق الكواكب ِ فوق خارطة ِ السماء
الآن تكذب ألف بوصلة ٍ تشير الى الفناء
وعلى مسار الوهم ترسم خطها القلق َ القصير
مامن مغامرة
هو التيه المجرد في العراءْ
أتذكّر الموتى
ولون دموعهم في الزمهرير
( ولعلهم كانوا جميعا قبل ذلك أبرياء )
لم يهلكوا جوعا ولا عطشا وإن كانوا ظماء
ماتوا بداء الوهم
ليس لطائر البحر الجميل
شكل ٌ وقد
لاينزف ُ الدم من قتيل
أتذكّر ُ المدن الخفية في البحار
أتذكّر الأموات
والسفن َ الغريقة والكنوز
وسبائك َ الذهب المصفى والعيون اللامعات
وجدائل َ الشعر ِ الجميلة ِ في القرار
منثورة
وأصابع الأيدي المحطمة النحيلة
مفتوحة لا تمسك الامواج
في الطرق الظليلة
في القاع تنتثر النياشين المدوّرة الصقيلة
وتقر ّ أسلحة القراصنة ِ الكبار
ياطالما أسريت ُ عبر الليل ِ أحفر في القرار
طبقات ِ ذاك الموت
أتبعت ُ الدفائن في السكون
أستنطق الموتى أرى ماكان ثم وما يكون
وأشم رائحة السكون الكامل الأقصى
أريدْ
أن لا أمثـّل من جديد
آلام تجربة العصور
أن لا أُقطّع بالتوتر ، أو أسمّر بالحضور
أبصرت آدم في تعاسته ِ ورافقت الجيوش
في أضخم الغزوات ِ نئت ُ بحمل آلاف النعوش
غنيت آلاف المواسم
همت ُ في أرض الجمال
ووصلت ُ أطراف المحال
ورأيت كيف تدمّر ُ المدن المهيبة في الخفاء
شاهدت مايكفي وكنت الشاهد الحي ّ الوحيد
في ألف مجزة ٍ بلا ذكرى
وقفتُ مع المساءْ
أتأمل الشمس التي تحمرّ كان اليوم عيد
ومكبرات الصوت ِ قالت : كل انسان ٍ هنا هو مجرم
حتى يقام على براءته الدليل
وسمعت أبواق الغزاة تضج
في الليل الطويل
ورأيت ُ كيف تشوّه الأرواح ُ جيلا بعد جيل
وفزعت ُ من لمعان مرآتي : لعلّي كالمسوخ
مسخ ٌ تقنّعه ُ الظلال
وعجبت منها دمعة ً في القلب ِ تأبى أن تسيل
والدمع مهما رق ّ هل يكفي لمرثية ِ الجمال ؟
الوقت أدرك رعشة ًفي الريح
تعكسها الصخور
الوقت ُ أدرك موجة تنداح ُ من أقصى الدهور
الوقت ُ أدرك لست وحدي
يعرف القلب ُ الجسور
أن الرؤى تمّت وأن الأفق يوشك ُ أن يدور
أنا في انتظار اللحظة العظمى
سينغلق المدارْ
والساعة السوداء سوف تُشلّ تجمد في الجدار
أنا في انتظار
والساعة السوداء تنبض نبض إيقاع ٍ بعيد
رقّاصها متأرجح
قلِق ٌ يميل الى اليمين
الى اليسار
الى اليمين
الى اليسار
الى اليسارْ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
محمود البريكان

محمود البريكان

العراق / البصرة
Close
Error Success